منتدى المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هو منتدى تربوي تعليمي يهدف الى نشر العلم و المعرفة

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» عبر و مواعظ
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالجمعة سبتمبر 04 2015, 15:39 من طرف Admin

» الإعلان (رقم 02) عن مسابقة الماستر
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالجمعة سبتمبر 04 2015, 12:36 من طرف Admin

» لجنة تحضير مسابقة الماجستير للسنة الجامعية 2015-2016
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالجمعة سبتمبر 04 2015, 12:35 من طرف Admin

» شكر وعرفان
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالأحد يوليو 13 2014, 14:35 من طرف faradj

» هل تعرف رأي الله فيك؟
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالخميس يونيو 12 2014, 13:44 من طرف مسلمة و أفتخر

» اجب بصراحة لتتعرف على نفسك
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالخميس يونيو 12 2014, 13:32 من طرف مسلمة و أفتخر

» كلمات روعة معانيها
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالأربعاء مايو 21 2014, 12:35 من طرف Ameralia

» رسالة ترحيب
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالسبت مارس 01 2014, 18:36 من طرف أمل

» ترحيب واستفسار
المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Emptyالخميس يناير 16 2014, 20:39 من طرف أمل


    المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية

    Admin
    Admin
    Admin


    انثى عدد الرسائل : 202
    العمر : 36
    الموقع : nesrine1956@yahoo.fr
    العمل/الترفيه : طالبة جامعية
    تاريخ التسجيل : 04/01/2009

    المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية Empty المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية

    مُساهمة من طرف Admin السبت أكتوبر 22 2011, 15:54

    ثبتت التجربة أن شكل التربية القديمة وأسلوبها المبني على أساس التحفيظ والتقليد يؤدي إلى قتل روح الابتكار لدى التلاميذ..



    المقاربة بالكفايات والنجاعة الاجتماعية
    مقال من إعداد: د/ محمد الحبيب العلاني ، أستاذ باحث بجامعة الزيتونة ، متفقد التربية والتفكير الإسلامي سابقا .

    مدخل :
    لـقـد بـات مـن الـمـؤكـد الـيـوم أن الـتـربـيـة الـحـديـثـة لا يـمـكـن أن تـكـون بـمـعـزل عـن حـاجـات الـمـجـتـمـع، لأن طـبـيعـة عـصـرنـا سـمـتـهـا الـتـغـيّـر والـتـحـوّل بـنـسـق يـكـاد يـعـجـز الـفـكر عـن مـلاحـقـتـه.
    واعـتـبـار هـذا الـجـانـب مـع الـوعـي الـعـمـيـق بـمـا عـلـيـه الـمـجـتـمـع مـن أحـوال وظـروف ، وبـمـا تـقـوم عـلـيـه الـحـضـارة مـن أسـس ومـبــادئ ، ومـا تـنـتـهـي إلـيـه مــن نـتـائـج وأفـكـار أمـر ضـروري لـمواكـبـة مـسـيـرة الـمـجـتـمـع ، لأنـه مـن الـعـسـيـر الـتـنـظيـر لـتـربـيـة تـغـفـل الـجانـب الاجـتـمـاعي ، وتـهـتـم - فـقـط - بـتـكـديـس الـمـعـارف والـمـعـلـومـات مـجـردة مـن نجاعتها للـفـرد ثـم للـمـجـتـمـع . فالـفـرد جـزء لا يـتـجـزأ مـن الـمـجـتـمـع الـكـبـيـر وهـو فـي نـفـس الـوقـت وريـث الـتـراث الـثـقـافـي الإنـســانـي.
    والـفـرد فـي أي جـمـاعـة مـدرك لارتـبــاط نـشـاطـه بـنـشــاط غـيـره وهـو يـسـعـى – بـحـكم طـبـيـعـته- إلـى تـكـيـيـف هــذا الـنـشـاط تـبـعـا لـمـا ارتـضـتـه الـجـمـاعـة لـنـفـسـهـا مـن أهـداف ومـقـايـيـس ومـثـل حـتـى يـحـقـق رضـا الـجـمـاعـة عـنـه وتـقـديـرهـا لـه كـعـضـو نـافـع . لأن الـبـيـئـة الـتي يـحـيـا فـيـهـا الـفـرد تـمـده بـمـقـومـات الـحـيـاة والـدوام والـبـقـاء ، وهي كـذلـك تـركـز دور الإنـسـان بـاعـتـبـاره كـائـنـا مـثـقـفـا وتـمـد جـسـور الـتـرابـط بـيـن الـتـربـيـة والـمـجـتـمـع والـنـجـاعـة فـي الـحـيـاة.
    وانـطـلاقـا مـن هـذه الـمـعـطـيـات فإن الـتـربـيـة في الـمـجـتـمـعـات الـمـعـاصـرة تـسـعـى إلـى جـعـل الـحـيـاة الاجـتـمـاعـيـة مـركـزا تـقـوم عـلـيـه الـعـمـلـيـة الـتـربـويـة حـيـث أنـهـا هـي الـتـي تـقـدم لـجـمـيـع جـهـود الـطـفـل وغـايـاتـه وحـدتـهـا الـلاشـعـوريـة وأسـاسـهـا .
    والـمـعـلـوم أن الـتـقـدم فـي الـمـجـال الـتـقـنـي يـسـبـق دائـمـا الـتـقـدم فـي الـمـجـال الاجـتـمـاعي وهـو مـا يـطـرح دائـما مـسألـة الـتـكـيــف مع الـوضـعـيـات الاجـتـمـاعـية الـجـديـدة التـي تـتـأثـر بـالـتـقـدم الـعـلـمـي والـتـقـنـي.
    وبـنـاء عـلـى ذلـك فـإن صـورة الـمـدرسـة بـشـكـلـهـا الـتـقـلـيـدي وطـريـقـتـهـا فـي صـب الـمـعـلـومـات وحشـو الأدمـغة بـالـمـعارف الـجـاهزة لم تعد مـواكـبـة الأوضاع الـمـجتـمـعـيـة الـجـديـدة ولا لـصـورة الـحـيـاة ونـمـطـهـا فـي الـعـصـر الـحـديـث.
    وقـد أثـبـت الـواقـع أن شـكـل الـتـربـيـة الـقـديـمة ونـمـطـهـا وأسـلـوبـهـا الـمـبـنـي عـلـى أسـاس مـن الـتـحـفـيـظ والـتـسـمـيـع والـنـقـل والـتـكـرار والـتـقـلـيـد قـد أدى إلـى قـتـل روح الابـتـكــار لـدى الـتـلامـيذ فـتـحـولـوا إلـى نـوع سـيء مـن الـمـواطـنـيـن، ذلـك الـنـوع الـذي لا يـصـلـح إلا للائـتـمـار والـطـاعـة وتـنـفـيـذ الـخـطـط الـجـاهـزة لأنـهـم لا يـعـيـشـون إلا عـلـى فـتـات أفـكـار الآخـريـن وهـو مـا يـعـيـق الـتـقـدم الـمـنشـود.

    الخلفية الإبستمولوجية لبيداغوجيا المشروع

    انطلاقا من تلك الـمـعـطـيات اعـتـنـى فـلاسـفـة الـبـرجـمـاتـيـة بـهذه الـحـقـائـق فاهـتـمـوا بــأمـر الـتـفـكـيـر عـلـى أسـاس مـن الـتـجـريـب وجـعـلـوه عـنـصـرا أسـاسـيـا فـي الـعـمـلـيـة الـتـربـويـة .
    وقـد عـبـر جـون ديـوي عـن عـمـليـة الـتـفـكـيـر بـاعـتـبـارهـا مـحـاولـة واعـيـة للـكـشـف عـن الـروابـط بـيـن أفـعـالـنا ومـا يـتـرتـب عـلـيـها من نـتـائـج وبـيّـن أن الـتـفـكـيـر لـيـس مـجـرد مـرآة تـعـكـس أحـوال الـواقـع الـمـوجـود بـل هـو عـمـلـيـة مـشـاركـة تـتـم خـلالـها إعـادة تـنـظـيـم وتـجـديـد ظـروف الـواقـع حـتى تـكـون أنـسـب فـي تحـقـيـق أهـداف الإنـسـان ورغـبـاتـه فـي الـسـيـطـرة عـلـى الـبـيـئـة .

    وعليه يــمـكـن إبداء الـمـلاحـظات الـتـالـيـة :
    - أن الـتـفـكـيـر نـوع مـن الـسـلـوك ومـرحـلـة مـتـصـلـة الـحلـقـات مـنـه.
    - أن للـتـفـكـيـر – بـمـا هـو عـمـلـيـة عـقـلـية – أدوات يـسـتـخـدمـهـا وهـذه الأدوات هـي مـا يـعـرف بـالـمـعـانـي ومـا يـقـابـلـهـا فـي اللـغـة مـن ألـفـاظ.
    - أن الـتـفـكـيـر لا يـثـار إلا إرضـاء لـحـاجـة أو رغـبـة تـعـدّ أم الـتـفـكـيـر.
    - أن الـتـفـكـيـر لا يـمـكـن فـصـلـه عـن الـواقـع ( وهـو لا يـنـشـأ فـي نـظـر ديـوي إلا إذا كـانـت الأشـيـاء غـيـر مـحـقـقـة وفـي مـوضـوع شــك).
    - أن الـتـفـكـيـر عـمـلـيـة بـحـث فـي شـكل فـروض مـؤقــتـة حـتى تـثـبـت الـوقـائـع والـحـوادث صـدقـهـا .
    - أن هـذا الـبـحـث لـيـس مـقـتـصـرا عـلـى الـعـلـمـاء فـحـسب بـل يـشـمـل الـنـاس جـمـيـعـا بـاخـتـلاف مـسـتـويـاتـهـم وأعـمـارهـم وقـدراتـهـم واسـتـعـداداتـهـم .
    وهـذه الـمـلاحـظات فـي الحـقـيـقـة تـعـد تـصـورات يـمـكـن رسـم مـعـالـم الـعـمـلـيـة الـتـعـلـيـمـيـة مـن خـلالـهـا.

    وقـد كـان جـون ديـوي أبـرز مـن رسـم مـعـالـم الـعـمـلـيـة التـعـلـيـمـيـة انـطـلاقـا مـن الأسـس الـتـالـيـة :
    أ / أن يـجـد الـمـتـعـلم نـفـسـه فـي وضع خـبـرة حـقـيـقـي تـنـبـعـث مـنـه مـشـكـلـة تـكون بـمـنـزلـة حافـز عـلـى الـتـفـكـيـر مـع اعـتـبـار الـفـرق بـيـن الـمـشـاكل الـصـحـيـحـة والـمشـاكل الـمزيـفـة.
    ويـكـون الـتـمـيـيـز بـيـن الـمـشـكـل الـحـقـيـقـي والـمـشـكل الـمـفـتـعـل بـنـاء عـلـى الاسـتـفـسـارات الـتـالـيـة :
    * هـل صـدرت الـمـشـكـلـة صـدورا طـبـيـعـيـا مـن وضـع يـقـوم عـلـى الـخـبـرة الـشـخـصـيـة أم هـي غـيـر ذلـك ؟ (أي مـشـكـلـة يـراد بـهـا تـعـلـيـم مـوضـوع دراسـي فـقـط لا غـيــر) .
    * هــل هـي مـن نـوع تـلـك الـمـحـاولات الـتـي تـدفـع بـالـتـلـمـيـذ إلـى الـقـيـام بـمـلاحـظات وتـجـارب خـارج الـمـدرسـة ؟
    * هـل هـذه الـمـشـكـلـة تـخص الـطالـب نـفـسـه أم هـي مـشـكـلـة مـعـلـم أو كـتـاب تـحـولـت إلـى مـشـكـلـة للـطالـب لأنـه لا يـسـتـطـيـع أن يـنـال الـدرجـات الـمـطـلـوبـة أو يـنـتـقـل مـن فـرقـة إلـى فـرقـة أو يـكـسـب رضـا الـمـعـلـم مـا لـم يـقـم بـحـلـهـا ؟
    ب / أن تـكـون الـمـشـكـلات الـتـي يـتـعـرض لـهـا الـتـلامـيـذ مـمـا يـكـون لـهـم مـن خـبـراتـهـم الـمـاضـيـة والـحـالـيـة مـا يـمـكـن أن يـسـتـخـدمـوه فـي مـعـالـجـتـهـا ولا يـمـنـع ذلـك مـن الاسـتـفـادة مـن خـبـرة غـيـرهـم.
    ج / أن تـكـون الـظـروف الـمـدرسـيـة مـسـاعـدة عـلـى الاكـتـشـاف والابـتـكـار لا تـكـديـس الـمـعـلـومـات.
    د / أن تـكـون الأفـكـار فـي حـاجـة إلـى الـتـطـبـيـق حـتى تـلـبـس لـبـاس الـحـقـيـقـة ومـن هــنـا نـحـتـاج إلـى تـجـهـيـز الـمـدارس بـالـمـعـامـل والـورشـات وأروقـة الـفـنـون حـتـى يـتـعـود التـلامـيـذ عـلـى نـمـط الـتـفـكـيـر الـمـجـرب ولـذلـك كانـوا فـي حـاجـة إلـى أن يـتـزودوا بـاتـجـاهـات مـثـل :
    - الـعـقـلـيـة الـمـتـحـررة مـن الـتـعـصـب والانـحـيـاز.
    - الإخـلاص وهـو الـتـفـكـيـر الـمـبـنـي عـلـى الانـجـذاب والاهـتـمـام الـكـبـيـريـن.
    - الـمـسـؤولـيـة : وهـي الـنـظـر فـي عـواقـب كـل خـطـوة ولـذلـك كـانـت الـمـواد الـدراسـيـة الـبـعـيـدة عـن خـبـرة الـتـلامـيـذ وواقـعـهـم أو فـوق مـسـتـوى إدراكـهـم سـبـبـا فـي الـتـهـرب مـن الـمـسـؤولـيـة لـديـهـم وتـشـعـرهـم بـالاضـطـراب والـتـمـزق الـفـكـري.

    وتـعـد طريـقـة الـمـشـروع أبرز الـتـطـبـيـقـات فـي الـمـجالات الـتـربـويـة للـفـلـسـفـة البرجماتية ومـن الـمـؤكـد أن هـذه الـرؤيـة تـحـمـل بـرنـامـجـا مـدرسـيـا جـديـدا يـمـثـل قـلـب الـعـمـلـيـة الـتـعـلـمـيـة بـاعـتـبــاره مـجـمـوعـة مـن الـخـبـرات الـتي يـمـر بـها الـتلـمـيـذ داخل الـمـدرسـة وخـارجـهـا تـحـت تـوجـيـه وإشـراف الـمـدرسـة.
    وهـذا الـمـنـهـج هـو مـنـهـج الـكـفـايات الذي يـهـدف إلى إنـمـاء الـذكـاء الاجـتـمـاعـي عن طـريـق إنـمـاء ذكـاء الـفـرد عـن طـريق مـشـاركـته فـي الـمـحـصـول الـثـقـافـي الجـديد وكـل مـوقـف جـديـد يـنـطـوي عـلـى مـشـكـلـة تـتـطـلـب الـدراسـة والـتـفـكـيـر وبـذلـك تـصـبـح الـتـربـيـة عـمـلـيـة تـجـريـبـيـة.
    والـبـرنـامـج أو مـا يـعـبـر عـنـه بـالـمـنـهـج كـان يـؤيــده عـلـم نـفـس يـؤكـد الاسـتـيـعـاب والـتـدريـب ويـقـلـل مـن الـتـفـكـيـر الابـتـكـاري.
    وهكذا فإن الـتـربـيـة الـجـديـدة تـقـوم عـلـى عـلـم الـنـفـس الـحـديـث الـذي يـبـدأ بـالـحـيـاة كـعـمـلـيـة سـعـي وراء أغـراض وأهـداف. توظف لتحصيلها خـبـرات تـربـويـة تـنشأ كلما واجه المربىّ مـوقـفـا مـن الـمـواقـف يـتـحـداه فـيـتـصـدى هـو لـمـواجـهـتـه.

    ومـثـل هـذه الـخـبـرة تـحـتـوي عـلـى عـنـاصـر جـديـدة بـالـنـسـبـة إليه يـعـالـجـهـا بـطـريـقـة ابـتـكـاريـة.
    دور أطراف العملية التربوية في إنماء الذ كاء الفردي والاجتماعي
    يتمثل دور الـمـربـيـن فـي تـأطير التـلامـيذ حـتى تـزداد قـدراتهـم علـى تـوجـيه أنـفسـهـم في مـواجـهة مـواقف الـحـيـاة.
    وبـنـاء عـلـيـه ، فـإن الـحـيـاة عـمـلـيـة تـفـاعـل مـتـطـور بـيـن الـكـائـن الـحـي وبـيـئـتـه .
    وأطراف الـعـمـلـيـة الـتـربـويـة الممثلين في :
    أ‌) المربي
    ب‌) الـجـمـاعـة الـمـحـيـطـة بالـطـفـل الـنـامـي .
    ت‌) الـحـيـاة الـثـقـافـيـة الـتـي يـنـمـو الـطـفـل فـي وسـطـهـا ويـسـهـم بـاطـراد مـتـزايـد فـيـهـا.
    وانـطـلاقـا مـن هـذه المقومات والأهـداف فـإن الـبــرنـامـج (الـمـنـهـج) يـصـبـح حـيـاة الـطـفـل كـلـهـا ، تـلـك الـحـيـاة الـتـي تـضـطـلـع الـمـدرسـة بـمـسـؤولـيـتـهـا.
    وهـنـاك أغـراض مـعـيـنـة تـوجـه نـشـاط الـمـدرسـة فـي الـمـجـتـمـع الـديـمـقـراطـي الـحـديـث بـحـيـث أنـه كـلـمـا كـبـر أطـفـالـنـا زاد ذكـاؤهـم وزادت قـدرتـهـم عـلـى اسـتـخـدام هـذا الـذكـاء فـي تـوجـيـه أنـفـسـهـم ، وزادت شـخـصـيـاتـهـم قـوة وخـصـبـا .
    ونـحـن نــريـد لـهـم أيـضـا أن يـسـهـمـوا إسـهـامـا مـطـردا مـنـتـجـا في حـيـاة الـجمـاعـة عـلـى أسـاس الاعـتـبـار الـكافـي لـمـصالـح الآخـريــن.
    ولا شـك أن اعـتـمـاد التـربـيـة عـلى الجانـب الاجـتـمـاعـي لا يـغـفـل أهـمـية ومـركزية الجانـب الـنـفـساني للـفـرد ، لأن مراعاة نـشـاط الطـفل الخاص وقـوته الذاتـية لا يـمكـن الغـفـلـة عـنهـا فـي الـعـملـيـة الـتـعلـمـيّة حتـى لا تـنـقلـب التـربـيـة إلى قـسـر وضغـط وتعـسف من الـخارج ، وحـتى لا تـتـسـم بالإسـقـاط والعـشـوائـيـة.
    ومن هـنـا نـجد أن الروح البرجماتية لا تـؤمن بـالـجـبـر، بـل إن ظـروف الـحـيـاة يـمـكـن تـحـسـيـنـهـا بـالـتـصـمـيـم عـلـى الـعـمـل الـذي يـسـتـرشـد بـالـعـقـل.
    وأن الـنـظريـات والـمـذاهـب إنـما هي فـروض للـعـمـل تـمـتـحـن بـمـا يـنـتـج عـنـهـا فـي الـمـواقـف الـفـعـلـيـة للـحـيـاة. وأن الـمـثـل الأخـلاقـيـة فـارغـة عـقـيـمـة إذا انـفـصـلـت عـن وسـائـل تـحـقـيـقـهـا. وأن الـحـقـيـقـة لـيـسـت ثـابـتـة، ولـيـسـت نـظامـا كـامـلا، بـل الـحـقـيـقـة عـمـلـيـة جـاريـة فـي تـغـيـر مـسـتـمـر.
    وأن الإنـسـان لـيـس ألـعـوبـة فـي يـد قـوة خـارجـيـة، ولـكنـه يـسـتـطـيـع إعادة تـشـكـيل الـظروف الـتي تـصـوغ خـبـرتـه بـعـزمـه وإرادتـه. وأن الـنـاس فـي اسـتـطاعـتـهـم تـنـمـيـة نـشـاطـهـم ومـؤسـسـاتـهـم ومـبـادئـهـم الـتـي تـنـظـم سـلـوكـهـم.
    وقـد كانـت هـذه الـسـمـات والاتـجـاهـات والـمـواقـف الـفـلـسـفـيـة رائـدة الـتـطـور الـسـيـاسـي والاجـتـمـاعـي الـذي عـرفـه مـجـتـمـع البرجماتية فـي الـولايـات الـمـتـحـدة الأمـريـكـيـة.
    ولـذلـك قامـت الـتربـيـة علـى أسـس الـتدريـس بـالـوضـعـيات لـتـحـقـيق جملـة من الـكـفـاءات والكفايات فـي كـل مـرحلـة دراسـية.
    تأثر التربية في البلدان العربية ببيداغوجيا المشروع
    (التجربة التونسية مثالا)
    لـقـد تـأثـرت الـتـربـيـة في الـعـالـم الـعـربـي بـالـتـربـيـة الـبـراجـمـاتـيـة فـكـرا وتـطـبـيـقـا (9)مـن خـلال عـدد مـن الـرواد الأوائـل للـتـربـيـة فـي مـصـر وغـيـرهـا مـن الـبـلاد الـعـربـيـة ، فـكـان من أكـبـر الـمـتـأثـريـن بـهـذه الـفـلـسـفـة الـتـربـوية إسـمـاعـيل قـباني ومحـمـد فـؤاد جـلال وغـيرهـما . فقـد اطلع الـقـبـاني عـلـى تـجارب الـبـراجـمـاتـييـن الـتـربـويـة وأعـجـب واقـتـنع بـهـا فـبـذل جـهـودا ضخـمـة للـسـير عـلى مـنوالـها في مـصـر.
    وكـانت ترجـمـة كـتب الـبـراجـمـاتـيـيـن أكـبـر دلـيـل عـلـى هـذا الـتـأثـر، وقـد بـيـن إسـمـاعـيـل الـقـبـانـي مـن خـلال كـتـابـه ( الـتـربـيـة عـن طـريـق الـنـشـاط ) أن طـريـقـة الـمـشـروعـات – وهـي الـطـريـقـة الـبـراجـمـاتـيـة – هـي خـيـر الـطـرق الـتـي يـمـكـن أن تـتـبـع فـي الـتـربـيـة.

    والـمـتـتـبـع لـمـسـيـرة الـتـربـيـة والـتـعلـيـم فـي تـونـس يـلاحـظ أن الـتـعـلـيـم قـد مـر بـمـراحـل وأطـوار هـامة لـمـواكـبـة الـتـغـيـيـرات الاجـتـمـاعـية الإقـلـيـمـيـة وإعـداد أفـراد قـادريـن عـلـى الانـخـراط بـسـهـولـة فـي الـحـضـارة والـثـقـافـة الـعـالـمـية مع الإثـراء والإضـافـة والحـفـاظ عـلى طابع الـخـصـوصـيـة واعـتـبار الـتـحـصيـل الـعلـمي الـحـديـث مـن أكـبـر الأهــداف . فـكان خـيـار الـمـقـاربـة بـالـكـفـايات خـيـارا دقـيـقـا يـؤكـد عـلـى الـبـعـد الاجـتـمـاعـي للـعـمـلـيـة الـتـربــوية، إذ لا بد أن تخـضع
    هـذه الـعـمـلـية إلـى تـكـيـيـف يـراعـي خـصـوصـيـة الـبـيـئـة الـتـونـسـيـة انـطـلاقا مـن أن الـتـربـيـة مـجـهـود يـرمـي إلى الـتـطـبـع الاجـتـمـاعي . وإذا كان الـحـديـث فـي الإصـلاح الـتـربـوي الـذي بـدأ سـنـة 1990 عــن بـيـداغـوجـيا الأهـداف، فإن الـمـقـاربـة بالـكـفـايات قد اتسعت لتعبئة جملة من المكتسبات وتوظيف مجموعة كبيرة من القدرات تكون أشـمـل وأعـمـق في اعـتـبـار جانـب الـعـمـل الـتـطـبـيـقـي الـمـسـتـمـد مـن خـصـوصـية الـبـيئـة الاجـتـماعـية وما تـضعـه فـي حـسـبـانـها مـن عـامـل الـنـجـاعـة فـي سـبـيـل ذكـاء فـردي
    واجـتـمـاعـي مـتـنـام.

    وإذا نـظرنـا نـظـرة مـدقـقـة إلـى الـتـعلـيـم منذ الاسـتـقـلال فإن الـفـترة الأولـى أي مـن :
    1975¬1956
    كـانـت الجهـود فـيـها مـبذولـة نحـو تـعـمـيـم الـتعـلـيـم وتركـيـز مـؤسـسـات وتـقـالـيد تربـويـة عـمـيـقـة فـي الـمجتـمع الـتـونـسـي تـؤمـن بدور الـمـثـقـف والـمـواطـن الـصـالـح الـمـتـعلـم في الـحـفـاظ عـلى الاسـتـقـلال وتـكـويـن الإطارات الـعلـيـا الـتي تحـتـاجـها الـبـلاد. واتـسـمـت تـلـك الـفتـرة بـارتبـاط آلـي بـيـن الـتـعلـيـم والـتـشغـيـل في إطار الـوظـيـفة العـمـومـيـة.
    أما الـفـتـرة الـثانـية فـيكـون تـحـديـدهـا تـقـريـبا مـن: 1990¬ 1976
    وهي فـتـرة عـرفـت اسـتـقـرارا نـسـبـيـا في الـمـناهـج والـبـرامج والـطـرق رغم الـتـعـديلات التـي تـقـع مـن حـين إلى آخـر وبـدأت تـظهـر بعـض النقـائـص والهـزات الـمـتـعلـقـة – بالتـوجـيه الـمـدرسي والـجامـعي وعـدم التـوازن بـين الاخـتـصاصات مـن ناحـية الكـم والـكـيـف وعلى الـمـسـتـوى الاجـتـماعي ظـهرت الحـاجة مـاسـة إلى الـتـخلي تـدريـجيا عن فـكرة ربـط الـتـعـلـيم بالـتـشـغـيل أي تـكـوين المـتـرشـح وتـهـيـئـته للانـدماج في الـحـيـاة الاجـتـمـاعـية سـواء فـي الـقـطاع الحـكـومـي أو الـقـطاع الخاص مـمـا يجعـل دور الـمـؤسـسات
    الـتـربـوية تـكـوينـيـا مع الاحتـفـاظ بدور التـوجـيه والتـوعـية لخـلـق التـوازن.
    وتأتي الـفـتـرة 2000 وهـي فـتـرة الإصـلاح مـن خـلال قانـون 29¬الـثـالـثـة مـن سـنـة 1991 جـويلـية 1991
    أصـبـح الحـديـث عـلى مـسـتـوى الـتـربـية عـن بـيـداغـوجـيا الأهـداف الـتي تـضـمـن وحـدة وأهـدافا نـوعـية تـتـحقـق فـي صـفـوف الـمـتـعـلـمـيـن لإدراك ما يـصـبو إلـيه الـمجتـمع مـن اخـتـيارات ومـبادئ كبـرى تـضبـط ملامـح الإنـسان الـتـونـسـي الـعـربـي الـمـسـلـم وتـحـدد للـمـجتـمـع خـصـوصـياتـه الـمـمـيزة. واستـخـدمـت للغـرض مناهـج تـربـوية حـديثـة كـتـعلـمـية الـمـواد حـيـث يـنـصـب اهـتـمـامـها عـلى دراسـتـه وضـعـيـات الـتـعـلـيم وتـمـشـياتـه لـضمـان دور الـمـتـعـلـم وحقـه فـي بـنـاء الـمعارف والـمـعلـومـات انـطلاقا من
    مخـزونه الـنـفـي والـثـقـافـي والحـضاري مـع الـسـعـي إلى تـوفـيـر الـوسائـل الـمـلائـمة لـتـحـقـيـق نـقـلـة نـوعـية فـي مـنـاهـج الـتـدريـس.
    وإذا نـظرنـا إلى التـربـيـة نـظرة مـتـكـامـلة فإن الانـتـقـال مـن بـيـداغـوجـيا الأهـداف إلى بـيـداغـوجـيا الـكـفـايـات عـمـل دقـيـق يحـتـاج إلى مـجـهـودات كبـيـرة ومتـدرجة لـبلـورة تـصـور يـتـمـاشـى مـع الـواقـع الـتـونـسي وتـطـلـعـاتـه الـفـكـرية والـثـقـافـية والاجـتـمـاعـية والحـضـارية الـتي تـتـأثـر بالـثـقـافـة والحـضارة العالـمـيـتـيـن وتـرسم لـنـفـسهـا تـوجـهـهـا العـربي والإسلامـي والـمـتـوسـطي والإفـريـقي والـعالـمي دون إفراط أو تـفـريط.
    ولا مـناص الـيوم مـن سـلـوك مـنـهج في الـتـربـية يـعـتـمد تـصورا يـنـبنـي عـلـى أسـس تـربـوية نـفـسـيـة واجـتـماعـية إدماجية تـحقـق للـمـتـعـلم انخـراط سهـلا في حـياة الـمـجـتـمع مع الحـفـاظ عـلى مـقـومات الـشـخـصية الـمتـوازنة وتدعيم الاخـتـيار الحـر والنـظـرة الرصـيـنة الـتي تـؤمـن بحـق كـل فـرد فـي الـمـسـاهمة الاجـتـماعـية العـلـمـية والحـضـارية الفـاعـلة.

    والحـقـيـقة أن مثل هـذه الـصـفـحـات الـمـتـواضـعة لـيـسـت تـنـظـيـرا لـمـنـهـج الـمـقـاربة بـالـكـفـايات فـي التـربـيـة والتـفـكـيـر الإسـلامي بـل هـي مـحـاولـة للـوقـوف عـلى أهـمـية ربط التـربـية بالـمـجـتـمع من حـيـث الـمـنطلـقـات والأهداف وإبراز الخـلفـيات الـفـكرية لهـذا الـتـصـور وربـطه بطـبـيـعة العـصر الذي نـعـيـش والـمـجتـمع الذي نـصـبـو إلى تـشـكـيـله فـي المـستـقـبل فـي ظل ظروف وتحـديات مخـتلـفـة وتسابـق كـبـير بـيـن الأمـم في كـل الـمجالات.
    يبـقـى الحـديث عـن بـيـداغـوجـيـا الأهداف أمرا مهـما بالـنـظـر إلى غـايـات الـتـدريـس الـظـرفـيـة والـقـريـبـة ثـم الـبـعـيـدة. ولا يـمـكـن الـفـصـل بـيـن هـذه الأهـداف والاخـتـيـارات الكـبـرى أو الـمـبادئ الأسـاسـية الـتي يقـوم عـلـيـهـا الـنـظام الـتـربـوي وفـلـسـفـتـه. إذ لكـل نظام تـربـوي تـطـلـعـاته وطـمـوحاته الـتي عـلى أسـاسـها يقع تحـديد مـلامح الفـرد الـمـتـعـلـم الذي يـسـعى إلى صـيـاغـته وتـكـويـنـه ثـم الـمـواطـن الذي يـريـد تـخـريـجـه.

    ومـن الـبـيـن أن قـانـون 29 جـويـليـة 1991 قـد وضـح الـتـوجـهـات الـكـبـرى والاخـتـيـارات الـمـركـزيـة للـنـظام الـتـربـوي فـي تـونـس بمـخـتـلـف أبـعـادهـا ومـراحـلـها والـمـواد الـمـدرسـيـة الـمـقـررة والبـرامـج الـمـسـطـرة والـوسائل الـمـتـوفـرة والـمراد تـوفـيـرها لإعـداد شـخـصـيـة مـتـكـامـلـة الأبـعـاد والـجـوانـب. وهذه الأهـداف والاخـتـيـارات الـكـبـرى تـسـعـى في نـهـاية الأمـر إلى تحـقـيـق تـكـويـن شامل يـنمي العـقـل وملـكـات التـفـكـير. ويـنـضج الوجدان ويهـذب النـفـس ويـثـري الـمـهارات ويرقي لـجـمـيع الـمـلـكـات
    اعـتـمـادا عـلى تـكـامـل جـمـيع الاخـتـصاصات.
    وقـد جاء الـفـصل الأول من الـقـانـون عـدد 65 لـسـنـة 1991 محددا تـوجـهات النـظام التـربـوي الـتـونـسـي في تلك المرحلة عبر ضبط اخـتـيـاراتـه الـكـبـرى من خلال
    1 – تـمـكـيـن الـنـاشـئـة مـنـذ حـداثـة عـهـدهـا بـالـحـيـاة مـمـا يـجـب أن تـتـعـلـمـه حـتـى يـتـرسـخ فـيـهـا الـوعـي بـالـهـويـة الـوطـنـيـة الـتـونـسـيـة ويـنـمـو لـديـهـا الـحـس الـمـدنـي والـشـعـور بـالانـتـماء الـحضاري وطـنـيـا ومـغـاربـيـا وعـربـيـا وإسـلامـيـا ويـتـدعـم عـنـدهـا الـتـفـتـح عـلـى الـحـداثـة والـحـضـارة الإنـسـانـيـة.
    2 – تـربـيـة الـنـاشـئـة عـلـى الـوفـاء لـتـونـس والـولاء لـهـا.
    3 – إعـداد الـنـاشـئـة لـحـيـاة لا مـجـال فـيـهـا لأي شـكـل مـن أشـكـال الـتـفـرقـة والـتـمـيـيـز عـلـى أسـاس الـجـنـس أو الأصل الاجـتـماعـي أو الـلـون أو الـديـن.
    4 – تـمـكـيـن الـمـتـعلـمـيـن مـن إتـقـان الـلـغـة الـعـربـيـة بـصـفـتـهـا اللـغـة الـوطـنـيـة إتـقـانـا يـمـكـنـهـم مـن استـعـمـالـها تـحـصيـلا وإنـتـاجـا فـي مـخـتـلـف مجـالات الـمـعـرفـة : الإنـساني منـهـا والـطـبـيـعـي والـتـكـنـولـوجي.
    5 – جـعـل الـمـتـعـلـمـيـن يـحذقـون لـغة أجـنـبـيـة عـلـى الأقـل حـذقـا يـمـكـنـهـم مـن الاطلاع الـمـبـاشـر عـلـى إنـتـاج الـفـكـر الـعـالـمـي : تـقـنـيـات ونـظريـات عـلـمـيـة وقـيـم حـضـاريـة، ويـؤهـلـهـم لـمـواكـبـة تـطـوره والـمـسـاهـمـة فـيـه بـشـكـل يـكـفـل إثـراء الـثـقـافـة الـوطـنـيـة وتـفـاعـلـهـا مـع الـثـقـافـات الإنـسـانـيـة الـكـونـيـة.
    6 – تـمـكـيـن الـمـتـعـلـمـيـن مـن حـقـهـم فـي بـنـاء شـخـصـيـتـهـم ومـسـاعـدتـهـم عـلـى الـتـرشـد الـذاتـي حـتـى يـنـشـأوا عـلـى قـيـم الـتـسـامـح والاعـتـدال.
    7 – الـمـسـاعـدة عـلـى إذكـاء الـشـخـصـيـة وتـنـمـيـة مـلـكـاتـها وتـكـويـن الـروح الـنـقـدي والإرادة الـفـاعـلـة بـحـيـث يـنـشـأ الـمـتـعلـمـون على الـتـبـصر فـي الحكـم والـثـقـة بـالـنـفـس فـي الـسـلـوك، وروح الـمـبـادرة والإبـداع فـي الـعـمل.
    8 – تـحـقـيـق الـتـوازن فـي تـربـيـة الـنـاشـئة بـيـن مـخـتـلـف مـواد الـتـدريـس حـتـى تتـكـافـأ فـيـهـا الـطـبـيـعـيـات والانـسانـية والـتـقـنـيـات والـمـهارات، والابـعاد الـمـعـرفـية والأخلاقـيـة والـوجـدانـيـة والـعـمـلـيـة.
    9 – تـمـكـيـن الـمـتـعـلـمـيـن مـن مـمـارسـة الأنـشـطـة الـبـدنـيـة والـريـاضـيـة بـصـفـتـهـا جـزءا مـن الـتـكـويـن الـتـربـوي.
    10 – تـهـيـئـة الـشـبـاب فـي مـخـتـلـف مـراحـل الـتـربـيـة لـمـواجـهـة الـمـسـتـقـبـل وإعـداده إعـدادا يـمـكـنـه مـن أن يـسـايـر – بـعـد الـدراسـة الـنـظـريـة – الـتـغـيـرات الـسـريـعـة الـتي يـشـهـدهـا العـصـر الحـديـث ومـن الإسـهـام فـيها.
    11 – تـنـشـئـة الـمـتـعـلـمـيـن عـلـى حـب الـعـمـل والـتـبـصـر بـقـيـمـتـه الأخـلاقـيـة ودوره الـفـاعـل فـي تـكـويـن الـشـخـصـيـة وغـرس الـطـمـوح إلـى الـتـفـوق والإبـداع وتـحـقـيـق مـنـاعـة الـوطـن والـمـسـاهـمـة فـي ازدهـاره وفي إثـراء الـحـضـارة الإنـسـانـيـة.
    12 – تـنـزيـل الـعـمـلـيـة الـتـربـويـة فـي مـسـيـرة الـبـلاد الـعـامـة بـمـا تـقـتـضـيـه مـن كـفـاءات ومـهـارات قـادرة عـلـى الإيـفـاء بـمـا تـسـتـوجـبـه الـتـنـمـيـة الـشـامـلـة.
    13 – أن تـراعـي فـي كـل مـراحـل الـتـربـيـة وفـي بـرامـجـهـا ومـنـاهـجـهـا مـقـتـضـيـات روح المواطنة والحس الـمـدني حـتى يـتـخـرج مـن الـمدرسـة الـتـونـسـيـة الـمـواطـن الـذي لا يـنـفـصـل عـنـده الـوعـي بـالـحـقـوق عـن الالـتـزام بـالـواجـبـات وفـق مـا تـتـطـلـبـه الـحـيـاة الـبـشـريـة فـي مـجـتـمـع مـدني مـؤسـسـاتـي يقوم عـلى الـتـلازم الأسـاسي بـيـن الحـريـة والـمـسـؤولـيـة.

    والـمـلاحـظ بـعـد اسـتـقـراء هـذه الأهـداف اشـتـمـالـهـا عـلـى أسـس الـتـرقـي بـالـفـرد ذاتا وفـي الـمـجـتـمـع وهـو مـا يـبـرز غـزارة هـذه الأهـداف وتـنـوعـهـا بـمـا يـتـلاءم مـع طـبـيـعـة الـعـصـر والـحـيـاة الاجـتـمـاعـيـة الـمـتـشـعـبـة والـثـريـة الـتـي تـجـعـل الـفـرد فـي حـاجـة قـبـل الـتـكـيـف إلـى تـهـيـئـة وتـنـشـئـة وإعـداد وتـربـيـة تـلـيـق بـطـبـيـعـة الإنـسـان بـاعـتـبـاره ذاتـا مـكـرمـة مـن نـاحـيـة أولى ومـسـتـجـيـبة لـنـمـط الـحـيـاة ونـسـقـها فـي هـذا الـعـصـر مـن نـاحـية ثـانـيـة.

    وإذا كـان عـلـم الـنـفـس الـتـجـريـبـي بـتـركـيـزه لـنـظـريـة الـتـعـلـيـم الـمـبـرمـج قـد أفـاد مـن قـريـب بـيـداغـوجـيـا الأهـداف بـفـكـرة الـدقـة ( فـي تـحقـيـق الـغـايـات الـمـرسـومـة) فـإن تـطـور عـلـم الـتـقـيـيـم قـد أفـاد هـذه الـبـيـداغـوجـيـا بـجـعـلـهـا تـعـتمـد الـنـجـاعـة والجدوى في الـعـمـل الـتـربـوي وتـضع أسـس الـعـلاقـة الـتـعـاقـديـة بـيـن الـمـتـعـلـم والـمـعـلـم. فـكـان رسـم الـغـايـات ( Finalités ) يـمـر بـوضع الأهـداف (Objectifs) ثم بـرصد وتـوفـيـر الإمـكـانـيات ( Ressources ) واعـتـماد الطـرائـق ( Méthodes ) وكـل طـريـقـة
    تـوضع فـي إطار ثـم تأتـي عـملـية الـتـقـيـيـم ( Evaluation ) وهي داخـلـة فـي الـعـمـلـية الـتـربـوية.
    ثـم يـكـون الـفـعل الـرجـعـي ( Retro action ) عـن طـريـق الأسـئـلـة لاخـتـيار نـجـاعة الـطـريـقـة وتـقـيـيـم الـنـتـائـج الـمـطـلـوبـة بـغـايـة الـدعـم أو الـتـعـديـل أو الـتـغـيـيـر .

    والـمـلاحـظ أن بـيـداغـوجـيـا الـكـفـايـات امـتـداد لـبـيـداغـوجـيـا الأهـداف انـطـلاقـا من تـصور خاص للـمـعـرفـة ولـكـيفـية الـتـحـصيل، إذ يقـع النـظر إلى الـمـادة الـمـدرسـة عـلى أساس أنـها مادة مـندمـجـة في جـمـيـع الـمـواد وأن عـمـلـيـة الـتـحصيـل لا تـتـم بمـعزل عـن أطـر الـمـعـارف ووسـائـلـهـا وغـايـاتـهـا لأن الـمـعـارف مـتـكـامـلـة ولأن الـفـكـرة خـطـة لـعـمـل مـثـمـر. فـلا تـقـدم الـمـعـارف عـلـى أنـهـا كـم يـجـب أن يـتـرسـب فـي ذهـن الـتـلـمـيـذ بـغـايـة الاطـلاع والاسـتـيـعـاب بـل الـمـعـارف تـتـداخـل وتـرتـبـط
    بـالـنـشـاط والـنـجـاعـة فـي آن وهـو مـا يـحـيـلـنـا عـلـى فـلـسـفـة تـربـويـة ذرائـعـيـة أطـلـق عـلـيـهـا اسم أداتـيـة ( Instrumentalisme ) تـأسـسـت عـلـيـهـا بـيـداغـوجـيـا نـشـطـة تهـتـم كـلـيا بالحـيـاة الحـاضـرة للـطـفـل في إطار الأعـداد للحـياة الـمـقـبـلـة. وكـانـت نظرتـها إلـى الـطـفـل بـاعـتـبـاره كـائـنـا نـشـطا يـتـدخـل تـلـقـائـيـا فـي سـيـر الأحـداث والـظـواهـر.

    وإذا تـمـعـنا في بـيـداغـوجـيا الـكـفـايـات فإنـها تـقـوم عـلى بـيـداغـوجـيا الأهـداف مع إضافـة الـوضـعـيات الإدمـاجـية الـتي تـتحـقـق مـن خـلالها مجـمـوعة من الأهداف فـتـصـبـح الـمـقـاربة بـالـكـفـايـات مـنـهـجـا تـعـلـيـمـيا تـعـلّـمـيـا يقـوم عـلى أساس نـظـرة خـاصة لتـفـكـيـر الطـفـل ترى أنه لـيسـت لـه قـيـمة لـذاته وإنـما هـو وسـيـلة لحـل الـمـشـاكـل العـمـلـية فـي حـياة الطـفـل الـيـومـية لـبلـوغ أهـدافه اللـعـبـية.

    ونسـتـنـتـج مـما تـقـدم أن الكـفـاية تعـتـمـد عـلى الأهـداف والخـبـرة من خلال وضع يكـون فـيه الـمـتـعلـم في أشـد حالات الـنشـاط وهـو ما يـسـتـوجـب بدوره وجـود الـتـلـمـيـذ فـي وسـط تـجـريـبـي حـق وأن يـدفـع إلـى تـنـشـيـط مـسـتـمـر يـأخـذ أهـمـيـة لـذاتـه فـي نـظـر الـطـفـل ثم بـعـد ذلـك يـهـيـأ لـه مـشـكـل حـقـيـقي يـباغـت بـه فـي هـذا الـمـوقـف لـيـكـون مـثـيـرا لتـفـكـيـره مـع تـزويده بالـمـعـارف حـتى يـبـدى الـملاحظات اللازمـة للـكـشـف عـن الحـل الـمـنـتـظـر ليـهـتـدي إلى حـلـول مـؤقـتـة يشـعـر بمـسـؤولـيـتـه فـي وضـعـهـا
    الـمـنـتـظـم وليـطـبـق فـي الـنهـايـة عـلى الواقـع ويـقـف عـلى الـنـجاعـة.

    وإذا تـأمـلـنـا فـي هـذا الـمـنـهـج الـتـربـوي فـإنـنا نسـتـنـتـج قـيـامه عـلى الجـمـع بـين النـظـري والـتـطـبـيـقـي والتـكـويـن الـمـطلق والتـكـويـن الـفـنـي حـيـث تـظـهـر الصـلـة وثـيـقـة بـيـن الثـقـافـة والـنفـعـيـة أي الـثـقـافة فـي حـد ذاتـها والثـقـافـة الـمـهـنـية وقـد أدى الـفـصل بـيـنـهـما في الـقـديـم إلى انقـسـام الـمـجتـمع إلى طـبـقـات متـفـاوتـة واحـتـقـار الـعـمـل بـالحـرفـي.

    ولعـل الـمـشـكـل الـمـطـروح عـلى الـمـجـتـمـعات الـديـمـقـراطـيـة في مـجال التـربـية إنـما هـو في إنـشـاء برامـج للـدراسـة تجـعـل مـن الـفـكرة عـند جـمـيـع الـنـاس قـائـدا للـعـمـل الـتـطـبـيـقي الحـر وتجـعـل من الـتـسـلـية مـكافأة لـما أنـجـز مـن الأعـمـال ونـتـيـجة لتـحـمـل الـمـسـؤولـيـة بـدلا مـن أن تـكـون الـتـسـلـيـة عـبـارة عـن حـالة تحـرر مـن تـلـك الأعـمـال .
    وإذا كان الـهـدف هـو بـمـثـابة الـمـخـطـط الـبـيـاني الذي يـمـكن من تـصور الـغـايـات بالـتحـديد في أي درس من الدروس مع مراعاة الخـصائص التالـية:

    الـوضـوح
    مـوافقة الهدف للـبرامـج الرسـمـيـة
    مـوافقة الأهداف الـمـمـيزة للمـستوى المـدرسي الـخاص بـه
    قابلـية الهدف للـتحـقـق على صعيد الواقع التطبـيقي والعملي في إطار حصة الدرس
    استجابة الهدف لـمبدأ الترشد الـذاتي الـذي جاء الإصلاح الـتربـوي لـيـضعـه فـي مـنـزلـة الأولويات.
    فإن الـكـفـاية جـملـة من الأهـداف الـمنـدمـجة الـمـنـتـسـبـة إلى وضعـيـات تـعـلـيـمـيـة تـعلّـمـيـة ذات دلالـة قـابـلـة للـتـقـويـم، تـتـجـسـد مـن خـلال حـذق كــيـفـية الـتـفـاعـل الـبـنـاء الـمـثـمـر إضـافـة إلـى تـعـرف طـريـقـة الـتـفـكيـر الـمـنـاسـبـة لـكـل وضـعـيـة.
    وإذا كـان دور الـمـدرس يـتـمثـل فـي اقـتـراح الـوضـعـيـة أو الـوضـعـيـات الـمـشـكـلـة الـقـابـلة للـحل. فـإن الـتـلامـيـذ يـقـومـون بحـل ذلـك الـمـشـكـل مـن خلال نـشـاط أو مـجـمـوعـة أنـشـطـة قـابـلـة للـتـقـويـم.
    ولـعل الـحـديـث عـن الـكـفـايـات ومـدلـول الـكـفـايـة والأطـر الـمـعـرفـيـة والـتـربـويـة والاجـتـمـاعـيـة الـتـي تـتـنـزل فـيـهـا الـكـفـايـات يـحـيـلـنا عـلـى مـسـائـل دقـيـقـة تـتـعـلـق بـطـبـيـعـة ونـوعـيـة الـمـعـرفـيـة الـتـي يـتـلـقـاهـا الـتـلـمـيـذ فـي الـقـسـم .
    فـهـل يـصـح الـقـول أن الـمـقـاربـة بـالـكـفـايـات بـتـركـيـزهـا عـلـى نـشـاط الـتـلامـيـذ وفـاعـلـيـتـهـم سـوف تـكـون عـلـى حـسـاب الـمـواد الـدراسـيـة والـمـعـلـومـات الـعـلـمـيـة ؟
    لـقـد وجـه هـذا الاتـهـام حـقـا إلـى الـتـربـيـة عـن طـريـق الـنـشـاط، وإذا تـمـعـنـا فـي هـذا الادعـاء فـإنـنـا نـلاحـظ أنـه يـبـدو – فـي الـظاهـر – مـنـتـصـرا لـوضـعـيـة الـتـلـمـيـذ فـي هـذا الـمـنـهـج الـجـديـد للـتـربـيـة لـكـن الـمـتـمـعّـن فـي الـقـضـيـة يـلاحـظ أن مـشـروعـيـة هـذا الادعـاء نـفـسـه تـقـوم عـلـى رؤيـة تـقـلـيـديـة لـعـمـلـيـة الـتـعـلـيـم والـتـعـلـم أسـاسـهـا أن الـتـعـلـيم هـو تـبـلـيـغ وتـكـديـس الـمـعـلـومـات وأن الـتـقـصـيـر فـي اسـتـيـعـاب جـزئـيّـة يـحـكـم مـن خـلالـه عـلـى الـعـمـلـيـة
    الـتـعـلـيـمـيـة الـتـربـويـة بـالـفـشـل.
    ولـكـن الـواقـع – انـطـلاقـا مـن وضـع الإنـسـان في الـمـجـتـمـع – يـؤكد أن الـتـلـمـيـذ بقـدر ما هـو فـي حـاجـة إلى اكـتـسـاب مـعـرفـة هـو أيـضا فـي حاجة مـاسـة إلـى تـعـرف الـطـرق الـمـوصـلة إلـى تـلـك الـمـعـرفـة ، والـمـنـاهـج الـتـي أقـيـمـت للـبـحـث فـي سـبـيـل تـطـويـر الـمـعارف وإخـراجـها مـن دائـرة الـتلـقـيـن إلـى فـضـاء الـمـعـرفـة الـمـفـتـوحـة عـلـى الـمـحـيـط الـطـبـيـعـي والاجـتـمـاعي والاقـتـصـادي والـسـيـاسـي ، بحيـث يـتـعـود الـتـلـمـيـذ عـلـى طـرق الـتـفـكـيـر الـنـاضـجـة الـمـتـطـورة والـمـنـميـة للـذكـاء
    الـفـردي والاجـتـمـاعي.
    فـإذا مـكـنـا الـتـلـمـيـذ مـن مـنـهـج وطـريـقـة بـحـث وأرشـدنـاه إلـى وسـائـل تـعـيـنـه عـلـى اكـتـسـاب الـمـعـارف وهـيـأنـا لـه فـرص الـتـفـكـيـر الـجـادة وأحـلـنـاه عـلـى مـظان الـمـعـلـومـات الـعـلـمـيـة ذات الانـعـكـاس عـلـى الـخـبـرة والـنـجـاعـة فـي حـيـاة الـمـجـتـمـع نـكـون قـد أسـهـمـنـا فـي بـنـاء شـخـصـيـة مـتـنـامـيـة حـرة تـؤمـن بـروح الـمـبـادرة وتـسـتـقـصـي الـمـعـلـومـة وتـنـزلـهـا فـي إطار فـعـلـي دون عـقـد مـركـبـة أو فـصـل بـيـن الـنـظـري والـتـطـبـيـقـي.
    وإذا كـان لـكل مـادة دراسـيـة كـفـايـاتـهـا فـإن الـوضـع يـخـتـلـف بـالـنـظـر إلـى الـمـواد مـن حـيـث الـيـسر والـصـعـوبـة والـمـرونـة لأن الـمـواد الـقـائـمـة عـلى التـجـريـب والاخـتـبـار والـمـلاحـظـة والـمـشـاهـدة والـمـسـتـخـدمـة لآلات وتـجـهـيـزات تـقـنـيـة دقـيـقـة تـكـون أيـسـر فـي ضـبـط الـكـفـايـة أو الـكـفـايـات – فـي تـقـديـري – بـالـمـقـارنـة مع الـمـواد الـمـفـتـقـرة إلـى تـأطـيـر الـتـلـميـذ فـي وضـع خـبـرة حـقـيـقـي مـن خـلال وضـعـيـة دالـة.
    وقـد يـكـون وضـع بـعـض الـمـواد دقـيـقـا فـي تـصـور الـكـفـايـات والـوضـعـيـات الـدالـة لـكـنـه لـيـس مـسـتـحـيـلا وهـو وضـع الـمـواد الاجـتـمـاعـيـة عـمـومـا الـتـي بـقـيـت لـعـدة عـقـود تـدرس بـالاعـتـمـاد عـلـى الـتـلـقـيـن والـتـحـفـيـظ والـتـقـريـر وهـو مـا رسـخ فـي الـعـقـلـيـات عـمـومـا أنـهـا مـواد الـحـفـظ ولا يـمـكـن تـقـيـيـمـهـا إلا مـن خـلال هـذا الـمـقـيـاس فـحـسـب.


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20 2024, 02:49